الأستاذ عبد الكريم عباسي ألف عشر حكايات امازيغية تربوية للأطفال وترجم عدة أعمال وبحوث باللغة الأمازيغية.
التقيناه على هامش توقيعه لإصداره القصصي الأول "المصيدة"،فكان لنا معه الحوار التالي:
صوتكم: أولا مرحبا بك، فلنبدأ بورقة تعريفية حول شخصكم، من هو عبد الكريم عباسي ؟
عبد الكريم عباسي:
في البداية أتقدم بالشكر الجزيل لمنبركم الإعلامي المتميز والذي يواكب الحدث الثقافي أين ما كان بكل تفان واهتمام
عبد الكريم عباسي من مواليد سنة 1965 بمدينة القصيبة، قاص ومترجم ،يعمل حاليا كأستاذ مؤطر للغة الامازيغية بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين فرع خريبكة.
حاصل على ديبلوم في الموسيقى العربية اختصاص آلة العود من الجمهورية العربية السورية من معهد الثرات العربي الموسيقي من مدينة حلب سنة 2004 . وحاصل على عدة جوائز جهوية ووطنية منها:
- جائزتين جهويتين لأحسن اختراع في المجالين العلمي والتقني على التوالي في سنتي 2007و2008 ، وجائزة الاستحقاق الوطني لأطر التربية والتكوين عن سنة 2010 منحت له من طرف وزارة التربية الوطنية. والجائزة الوطنية للثقافة الامازيغية صنف التربية والتكوين، منحت له من طرف المعهد الملكي للثقافة الامازيغية عن سنة 2010.
صوتكم : هل يمكنك أن تحدثنا عن تجربتك مع الكتابة، ومدى تأثيرها في حياتك؟
عبد الكريم عباسي:
تجربتي مع الكتابة كانت منذ صغر سني حيث كنت مثل جميع الشباب يجربون قدراتهم الإبداعية بكتابة خواطر وأشعار، ومنهم من تكون هذه المرحلة لبنة أولى لصقل مواهبه ومع مرور الوقت يتحول الحلم إلى حقيقة، لكن تبقى رغبات في دواخل الإنسان يمكن أن تظهر للوجود من حين لآخر، وهذا ما وقع لي بالنسبة للكتابة باللغة الأمازيغية، بحكم انتمائي لمدينة القصيبة وهي مدينة من مدن الأطلس المتوسط . فعندما ولجت المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين وتخصصي في تدريس اللغة الأمازيغية للطلبة الأساتذة، واحتكاكي بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية وتطوير قدراتي المهنية في التكوين الأكاديمي، وجدت أن الباب مفتوح للإبداع باللغة الأمازيغية، والظروف مواتية لذالك فوجدت نفسي أقتحم عالم الحكاية الأمازيغية وكانت أولى إبداعاتي بحرف تيفيناغ موجهة للطفل في المدرسة الإبتدائية بإنتاج عشر حكايات مصورة كدعامات ديداكتيكية. بالموازات مع هذا الصنف غامرت كذالك في ترجمة عملين الأول روائي والثاني مجموعة قصصية للغة الأمازيغية. وهكذا وجدت نفسي أؤدي رسالة موازية مع طبيعة عملي من جهة، ومن جهة أخرى أبدع بلغتي الأم التي ترعرعت في أحضانها. لكن الإبداع الأخير "المصيدة" باللغة العربية، لم يكن صدفة ولا تطفل، بل هو نتاج لهم أحمله والذي يتمثل في رغبتي في أن يصل إلى جميع القراء، لأنني إن أصدرته باللغة الأمازيغية لن يقرأه إلا من يعرفون قراءة تيفيناغ وبذالك لن يصل إلى الكل، هذا سبب أول، والسبب الثاني يتمثل في أنني متمكن من اللغة العربية وذالك راجع إلى تخصصي الأول وهو أنني أستاذ لللغة العربية قبل أن أصبح مكونا للغة الأمازيغية.
صوتكم نعرف أنك تشتغل بالتدريس، ألا يشكل ذلك عائقا بالنسبة للدفق الإبداعي ولكم الإنتاج الذي يمكنك تحقيقه؟
عبد الكريم عباسي:
أنا أنظم وقتي وأقسمه ما بين العمل والإبداع، ولا يشكل لي أي عائق، بالعكس أجد في التدريس وطبيعته التي هي تكوين الأساتذة، المكان الحقيقي الذي يوفر لي ظروفا جيدة للإبداع وخبر دليل على ذالك هو فوزي بأربع جوائز باسم المركز الذي أعمل فيه، جائزتين وطنيتين وجائزتين جهويتين.
صوتكم: اشتغلت بثلاث تجارب مختلفة في الكتابة:الحكاية الامازيغية المصورة الترجمة الرواية، إلى أيها تجد راحتك وميولك وما الإضافة التي حصلتها من كل تجربة؟
عبد الكريم عباسي:
نعم في مساري الإبداعي اشتغلت على ثلات تجارب كما تفضلتم، التجربة الاولى كانت في الحكاية الأمازيغية المصورة، والثانية في الترجمة والثالثة في القصة. بالنسبة لهذه التجارب الثلاثة لكل واحدة منها ظروفها الخاصة التي ظهرت فيها، فاشتغالي على الحكاية الأمازيغية كما سبق أن قلت جاء نتيجة ملاحظتي على أن الساحة الثقافية المغربية في مجال كتاب الطفل خاصة الحكاية الأمازيغية لا زال يشكو من نقص كبير في هذا المجال من جهة ومن جهة أخرى كان هاجسي هو إنتاج صنف معين يشبه إلى حد كبير حكايات الجدة التي افتقدناها في الوقت الحالي، وقمت ببحث في هذا المجال لأنقل بعضا من الموروث الحكائي القديم وأكيفه مع ما هو تربوي يحمل قيما وطنية ودينية وخلقية ويخرج في شكل إبداع حكائي مصور للأطفال بحرف تيفيناغ. وأنتجت عشر حكايات في هذا الصنف. أما صنف الترجمة فجاء نتيجة رغبة مني في إبراز المنتوج المغربيى المكتوب باللغة العربية يظهر في حلة جديدة وهو أن يترجم إلى الأمازيغية بحرف تيفيناغ، فالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية يهتم كثيرا بترجمة الأدي العالمي، فقلت لماذا لا أترجم للكتاب المغاربة، فغامرت بترجمتين الأولى رواية "أهل العتمات" للروائي عبد الرحمن نسحت، والثانية مجموعة قصصية للقاص هشام حراك وهي "السوق اليومي" . وحينما أقول مغامرة، فهي فعلا مغامرة لأن الترجمة كانت بحرف تيفيناغ، وكما تعلمون أن القراء بحرف تيفيناغ قليلون، لأن اللغة الأمازيغية في فترة اتنقالية. وكثير من الناس لازالوا لم يتعلوه بعد. أما التجربة الأخيرة وهي كتابة قصة المصيدة باللغة العربية، فما هي إلا البداية وسأستمر في الكتابة بها، والدليل على ذالك أنني أكتب مجموعة قصصية أخرى الآن، لأن لدي رغبة وطموح للإستمرار في الكتابة باللغة العربية في الصنف القصصي. كما لأنني أجد متعتي في الاستمرار في البحث وكتابة الحكاية المصورة للأطفال. أما الترجمة فأعود وأقول أنها في الوقت الحالي مغامرة. أما الإضافة التي حصلتها من كل تجربة هي التجديد في العمل الحكائي والتميز في صنف القصة الذي أكتب فيه، أما الترجمة فهي أمانة يجب أن نوفيها حقها.
صوتكم: أصدرت مؤخرا مؤلفا تحت عنوان المصيدة، وهو عبارة عن قصة واقعية جرت أطوارها بالقرى الأمازيغية، إلا أنك فضلت حكيها باللغة العربية، ما الغاية من ذلك؟
عبد الكريم عباسي:
قصة المصيدة كما أسلفت هي قصة كتبتها باللغة العربية حتى تصل إلى كل الجمهور القارئ، فلو كتبتها بالأمازيغية سوف لن يقرأها إلا الامازيغ، ففضلت في مرحلة أولى أن تكتب باللغة العربية وفي مرحلة ثانية أترجمها إلى الأمازيغية وفي ذالك إغناء للخزانة المغربية على العموم، وبما أنها تتناول موضوعا هاما في حقبة معينة، فكتابتها باللغة العربية سيمكن الدارس والمهتم بالشأن المحلى أن يتخذها كوثيقة هامة.
صوتكم بالعودة إلى مؤلف المصيدة ألا ترى معي أنه يطرح إشكالية في التجنيس، فهناك من قد يعتبره سيرة ذاتية أو حكيا استرجاعيا، أو سيرة روائية، باعتبارك مؤلفا له ، أين تصنفه؟
عبد الكريم عباسي:
هذا يمكنه أن يطرح مشكلا اذا ماحصرنا الأمور في الأصناف التقليدية.، فالتجديد في قصة "المصيدة" وارد، لأنها تؤسس لنوع آخر جديد في الساحة الأدبية وهي من صنف القصة- الوثيقة، وهذا حسب شهادة بعض من اشتغلوا عليها وستظهر دراساتهم عليها قريبا، فهي تتضمن حكيا حجاجيا في سرد قصصي مسترسل، تعتمد التاريخ والجغرافيا والسوسيولوجيا والتأريخ للأحداث التاريخية ولشخصيات المقاومة، ولمصطلحات اندثرت ولموروث شفهي اندثر... والكل في حكي قصصي يثير القارئ ويشده للزمن والأحداث والمفاجئات، وتعتمد الواقع، كما تعتمد الخيال القصصي، وانتهت القصة بموت بطلها. لكن ما أود توضيحه هو أنها ليست قطعا رواية لأن الرواية لها خصوصياتها، لا من حيث هيكلتها ولا من حيث شخصياتها ولا من حيث عدد صفحاتها.
صوتكم: ما هو تقييمك للإبداع بمدينة خريبكة، ولكم الانتاجات المحلية بها؟
عبد الكريم عباسي:
مدينة خريبكة تزخر بالإبداع والمبدعين والمجددين، وعددهم كبير جدا لكن لا يعرفون بعضهم البعض إلا القليل منهم، لكن هناك عدد كبير من المبدعين الذين يكتبون ولا ينشرون لسبب أو لآخر، ربما لأسباب مادية، فكم منهم يكتب ويخزن ما يكتب. كما أن هناك مشكل في عدم وجود تواصل بين المبدعين في المدينة خصوصا بين من يقطنون فيها وبين من يقطنون خارجها إما بحكم العمل أو الاستقرار في مدن أخرى. ورغم وجود كلية، فالمدينة وأبناءها لا يستفيدون منها أي شيء في مجال الابداع ولا في التنشيط الثقافي كما يجب أن يكون على المستوى الإشعاعي.
صوتكم: ما هي رسالتك للمبدعين عامة بإقليم خريبكة والشباب بصفة خاصة؟
عبد الكريم عباسي:
رسالتي هي أن الإبداع لا يجب أن يكون محل خلاف بين المبدعين، بالعكس، الإبداع هو التعاون من أجل الثقافة وإغنائها، من أجل الناشئة، من أجل الشباب، ومن أجل التنمية في المدينة، من أجل بناء العقول، المبدعون في خريبكة يجب أن يتكثلوا في جمعية واحدة أو ناد أو ناديين، لأن ما لاحظته هو كثرة الجمعيات والنوادي الثقافية، وكل يعمل بمفرده دون تنسيق مع الآخر، فالمدينة صغيرة، ويوم السبت أو الأحد يقتسمون جمهورا صغيرا، فلا هذا ولا ذاك يستفيد. وأدعو الشباب إلى دور الثقافة وناديها لأنها هي الوصفة الأنسب إلى المكان الأفيد. وفي الختام أجدد شكري لكم ولجريدتكم والله ولي التوفيق.
حاوره : سعيد فجار