نخبر زوارنا الأفاضل أن الموقع متوقف عن التحديث حاليا في

انتظار استكمال الاجراءات القانونية والادارية المتعلقة

بالملاءمة مع قانون الصحافة الجديد ( قانون 88.13)


أضيف في 30 يونيو 2017 الساعة 12:30


حين ينتحل الممرّض صفة (موثّق)


صوتكم

عبد العزيز غياتي
" هل أستدعي شخصا من رجال السّلطات المعنيّة بتطبيق القانون أو اثنين أو أكثر ليشرحوا لكَ و يقنعوك بأنّ ما تطلبه منّي بإصرار يُعتبر دعوة صريحة إلى التزوير في وثيقة رسميّة مُعتمدة ؟ " ،  لم أجد بُدّا من قول ذلك للشّخص الذي أرغى و أزبد من أجل تدوين تاريخ غير التّاريخ الحقيقي لولادة ابنه المتضمّن في إعلان الولادة الذي تسلّمه من المستشفى الجهوي ، حيث يشترط 25 يونيو بدلا عن 19 يونيو و ذلك كي لا يضطرّ إلى التصريح بالولادة عن طريق المحكمة و دفع الغرامة المستحقّة بحكم تأخّره عن التّصريح لأكثر من 30 يوما ، و قد توسّل إلى ذلك بالتّهديد و الوعيد تارة ، و بالتّطمين أنّ الأمر ليس تزويرا بل هو إجراء عادي دأب على فعله الآخرون و أن لا أحد سينتبه إلى ذلك ، و بالاستعطاف تارة أخرى و الدّفع بأن لا طاقة له بالإجراءات الإداريّة المعقّدة ، و لمّا بدا لي أنّه أصبح يشكّل عرقة لمصالح الآخرين ، هدّدته باستدعاء الطّرف الثّالث ليفكّ هذه الأحجيّة التي استعصى على لبّه استيعابها ، فخرج غاضبا حاملا أوراقه و أغراضه ، ولكنّه ما لبث أن عاد إلى رشده بعد أن ضرب الأخماس في الأسداس و حسب العمليّة من كلّ الزّوايا و تيقّن أن لا خيار له غير تسجيل ابنه بتاريخ ولادته الحقيقي .
قد تبدو غريبة هذه القصة الواقعيّة ، و لكنها ليست فريدة من نوعها بل متكرّرة عبر الزّمكان ، تتكرّر و يتكرّر معها هاجس الخوف من الوقوع في مصايد شياطين الإنس ، و حبائل الجهل بمهام بعيدة عن المهام الأصليّة للممرّض ، فحين يضطرّ إلى تدوين معلومات خاصّة بالمولود و والده و والدته ، و تاريخ و مكان ولادته في دفتر التلقيح قبل الإقدام على تلقيحه بالاعتماد فقط على تصريح من تدّعي أنّها الأم و بحضور من يدّعي أنّه الأب و بدون التوفّر على وثائق تثبت صحّة تلك المعلومات ، مع العلم أنّ بعض مصالح الحالة المدنيّة تشترط وجود صورمن دفتر التلقيح ضمن وثائق التّصريح بالمواليد ، حينئذ أعتقد أنّ الممرّض يقوم مُرغما و بشكل أو بآخر بمهام الموثق (نسبة إلى وثيقة) بدون أهليّة و بدون إذن من الوزارة الوصيّة ، و هو بذلك يقامر بمستقبله المهني و يغامر بأغلى ما عنده .
و قد تُحضِر الأمّ دفتر الحالة المدنيّة أو عقد الزّواج لتثبت إلى حدّ ما علاقتها الزوجيّة بالأب المفترض للمولود المعني بالتّلقيح، و لكنّ ذلك لا يكفي لتثبت علاقة الأمومة مع هذا الأخير، حيث من السّهل استغلال هذا الفراغ من قبل بعض الأزواج لتبنّي مواليد ليسوا من صلبهم ، وتسجيلهم بصفتهم أبناءهم بغير وجه حق ، و بذلك يساهم الممرّض من حيث يدري أو لا يدري في عمليّة  تزوير وثيقة معتمدة لدى أعوان السّلطة و مصالح الحالة و المدنيّة ، و يتسبّب في نسب مولود لغير أبويه .
و إن كان توفّرُ الممرّض على دفتر الحالة المدنيّة أو عقد الزّواج ، و بطاقتي تعريف الزّوجين و إعلان الولادة المسلّمة من الطّبيب المشرف على عملية الوضع يمكّنه من تدوين المعلومات الضّروريّة في دفتر التّلقيح بكثير من الارتياح ، فإنّ إخفاء الآباء إعلان الولادة و الادّعاء أنّ الوضع تمّ في البيت و ليس في مؤسّسة صحيّة يضع من جهة صحّة المولود على المحكّ باعتبار أنّ جرعة التّلقيح الأوليّة ضدّ التهاب الكبد الفيروسي  من نوع (ب) تتمّ في المستوصفات و المراكز الصحيّة فقط بالنّسبة للأطفال الذين ولدوا في البيت ، أمّا الذين وضعتهم أمّهاتهم في دور الولادة أو في المستشفيات فيتلقّون تلك الجرعة في عين المكان ، و بالتّالي فإنّ الكذب الذي يلجأ إليه الآباء لأسباب مختلفة يؤدّي إلى أن يتلقّى الطّفلُ جرعتين من نفس التّلقيح خلال أقلّ من شهر و هو أمر يشكّل خطرا على صحّته ، كما يؤدّي كذبُ الآباء حول تاريخ و مكان ولادة أبنائهم بالممرّضَ إلى توثيق معلومات مزيّفة في وثيقة رسميّة قد تجرّ عليه مشاكل قانونيّة لن يعذره القانون و لا السّلطات المعنيّة لجهله أو تساهله أو تهاونه في أمرها .
في مثل ظروف عمل كهذه حيث تتقاطع مهام وزارة الصحّة مع مهام مصالح إداريّة أخرى ، بل و يُعهد إلى الممرّض أداء مهام ليست من محض اختصاصه  و لم يتلقّ بشأنها أيّ تكوين أساسي أو مستمر ، و لا يتمتّع خلال أدائها بأيّ حماية لا من القطاع الذي ينتمي إليه و لا من القطاعات الأخرى ، يلجأ بعض الممرّضين إلى اجتهادات شخصيّة لتوفير الحدّ الأدنى من الحماية و تقليص الخسائر في حالة وقوع مصيبة كانت منتظرة ، و تختلف هذه الاجتهادات من مدينة إلى أخرى  بل و من مؤسّسة صحيّة إلى أخرى ، فمنهم من يشترط وثائق إضافيّة من قبيل شهادة ولادة مسلّمة من السّلطات المحليّة تحمل أسماء الأب و الأم و الطّفل و تثبت العلاقة الزّوجيّة و الأبويّة بينهم ، أو إقرارا مثبّت الإمضاء لدى السّلطات المحليّة تقرّ من خلاله السيّدة أنّها هي أمّ الطّفل المعني  بالتّلقيح ولدته بالتّاريخ المذكور و من زوجها المذكور اسمه ، أو وثيقة مصادق عليها تقرّ من خلالها (القابلة) أنّها هي من أشرفت على وضع فلانة زوجة فلان بالتاريخ الفلاني و بالعنوان الفلاني ، أو فتح سجلّ تدوّن فيه كلّ المعلومات و توقّع عليه الأمّ ببصمتها إقرارا بصحّتها .
ليس بطلا و لكنه مضطرّ- ما استطاع إلى ذلك سبيلا - إلى ابتداع و اختراع آليات شخصيّة لحماية نفسه مستفيدا من اجتهادات السّابقين و التي سوف يورّثها إلى اللّاحقين ، و سيبقى على هذا الحال إلى أن ينتبه المشرّع إلى الفراغ القانوني الذي يقضّ مضجع الممرّض فينظّم المهنة و ينظّف طريق المشتغلين بها من ألغام يعتبر ما خفي منها أكثر ممّا ظهر .    





أضف تعليقك على المقال
*المرجو ملئ جميع الخانات و الحقول الإلزامية المشار إليها بـ

* الإسم
* عنوان التعليق
* الدولة
* التعليق




أقرأ أيضا
المثقف المغربي القول عنه والقول فيه
الديمقراطية / الأصولية... أي واقع؟ وأية آفاق؟.....
الديمقراطية / الأصولية... أي واقع؟ وأية آفاق؟.....12
أمازيغ الجزائر.. قلوبنا معكم
لهذا السبب تحارب منظمة التجديد الطلابي
هل اقترب موعد إعلان جماعة
نهضة المغرب بين الواقع و المبدأ
لأمر عظيم فينا... لا نتوقف...
محمد عصام يكتب: أحداث 16 ماي : بين وجع الذكرى ...وأمل المصالحة
حامي الدين يكتب: ذكرى 16 ماي وسؤال السلفية الجهادية