نخبر زوارنا الأفاضل أن الموقع متوقف عن التحديث حاليا في

انتظار استكمال الاجراءات القانونية والادارية المتعلقة

بالملاءمة مع قانون الصحافة الجديد ( قانون 88.13)


أضيف في 13 ماي 2014 الساعة 11:54


قوة الشباب


ايمان القندوسي   جريدة الوسط

لشباب هم القوة الضاربة للمجتمع ، بسواعدهم الفتية وعقولهم النيرة تبني الأمم ، وليتحقق ذلك يجب أن تتاح لهم الفرص المناسبة للتعليم والعمل ، للإقبال علي الحياة والأمل ، يجب أن يحتويهم مجتمعهم ويلبي احتياجاتهم الأساسية ويأخذ بأيديهم في سبيل النهوض والترقي ، وعندها يشعرون بالانتماء والحب والولاء للوطن ويبذلون في سبيله ليس فقط طاقتهم الجبارة وجهدهم النبيل ولكن أرواحهم أيضا إذا لزم الأمر .
ولكن إذا أدار لهم الوطن ظهره وحرمهم من كل رعاية أو توجيه وسد في وجوههم منافذ الأمل ، كيف يكون حالهم ؟
يتحولون إلي طاقة هدم وقوة غاشمة تدمر كل من حولها ، للأسف بدأنا نلمس النذر في مجتمعنا ، فبعد رحلة تعليمية خاوية من المعني والمضمون يخرج الشباب فلا يجدون سوي الشوارع والطرقات التي ضاقت بهم ، ولكن هل من الممكن أن يظل الإنسان حياته كلها متسكعا بين جنبات الوطن  بلا عمل ولا زواج ولا مستقبل ؟
نسبة كبيرة ترتمي في أحضان المخدرات التي تزيد المشكلة وتفاقمها لأن احتياجه للمال يتصاعد وشخصيته وقيمه ومبادئه تتهاوى وتتفسخ ، وهنا تأتي الخطوة التالية الجريمة بكل صورها ، سرقة واغتصاب وقتل بشكل مفزع وتحدي سافر للقانون والعرف والدين .
 
وقبل أن نعظ الشباب أو نلقي باللوم عليهم يجب أن نعترف أولا بمسئولية المجتمع كله تجاههم ومسئولية الدولة ثم نبحث عن حلول جادة وفورية وقابلة للتطبيق ، قبل أن يأتي الطوفان الذي يجرف الجميع أمامه .
في الماضي كان الشاب الذي لا يتفوق في المجال التعليمي يتخذ حرفة أهله ، فإذا كان والده فلاحا عمل معه في أرضه وإذا كان صاحب حرفة اتخذها الابن سبيلا للرزق وورث صنعة أبيه ودكانه ، وبسبب سياسات كثيرة متخبطة وغير مدروسة
تغيرت نظرة المجتمع وأصبح الكل يريد أن يصبح من ذوى الياقات البيضاء كما يقولون ، وتواكب ذلك مع انتشار التعليم وتكفل الدولة بتعيين الخريجين .
 
بعد ذلك أعلنت الدولة عجزها عن استيعاب الخريجين ورفعت يدها عنهم وتواكب مع ذلك ترهل وتضخم العملية التعليمية بشكل أفقدها معناها وهدفها وأصبح 90% من خريجي الجامعات لا يتمتعون بأي كفاءة أو قدرة تؤهلهم للمنافسة في سوق العمل الحر ، جزء منهم ( له ظهر ) يسانده ويحصل له علي فرصة عمل بالواسطة أو المحسوبية أو الرشوة الصريحة التي صار لها تعريفة محددة وشبه معلنة ، ولكن الغالبية العظمى لا ظهر ولا سند ولا مهارة خاصة ولا مرشد أو موجه يدله علي كيفية الخروج من متاهة البطالة والضياع ليري بصيصا من الأمل في المستقبل .
 
أما خريجي الدبلومات المتوسطة فحالهم أسوأ ، بعضهم ( يفك الخط ) بالكاد وبيئات مدارسهم كانت سيئة للغاية ، كل هؤلاء الشباب يريدون حلا سريعا وحاسما ، ربما يكون إصلاح التعليم هو البداية الصحيحة ولكنه حل علي المدى البعيد قد تستفيد منه الأجيال القادمة ولكن ماذا عن الشباب الموجودين بالفعل ؟
لابد من تضافر الجهود ووجود طرق عديدة لاستيعابهم من بينها مثلا ، تشجيع أصحاب المشروعات الصغيرة وترغيبهم في استخدام عمالة غير مدربة يقومون هم بتدريبهم وفي المقابل تعفيهم الدولة من الضرائب أو تخفضها لهم ، وكذلك الشركات التي تحتاج مؤهلات معينة للعمل بها وتنتقي العناصر المدربة والمؤهلة تشجع علي استخدام حملة مؤهلات غير مدربين وتقوم بتدريبهم ويصبحون تحت التمرين لفترة ثم تقوم بتثبيتهم في مقابل تسهيلات من قبل الدولة ، وأيضا توسع الدولة في إنشاء مراكز إعادة تأهيل الشباب لتعليمهم كافة المهارات التي يحتاجها سوق العمل ، سواء كانت مهارات حرفية ( سباكة ـ نجارة ـ كهرباء وغيره ) أو مهارات مهنية ( لغات ـ ترجمة ـ كمبيوتر ) ، وأيضا فتح الباب أمام الجهود البناءة لأبناء الوطن المخلصين من دعاة ومصلحين وناشطين اجتماعيين لاستيعاب طاقة الشباب وتوجيههم دون ترك الهاجس الأمني يمنع جهدهم ويثبطهم ، الأمن الحقيقي الذي ننشده جميعا الآن هو الأمن المجتمعي ، هو الاستفادة من طاقة الشباب وقوته المعطلة والتي تمثل 60%  من عناصر العمل الناجح ، إذ يحتل العنصر البشري مركزا متقدما علي رأس المال والأسواق وباقي العناصر ، وقد رأينا ذلك في الصين والدول الآسيوية وغيرها .
 
ولا ننسي أيضا دور الفن المقدم للشباب ، ففي السنوات الأخيرة يقدم البطل في الأفلام في دور ( اللص الظريف ) فهو يسرق وينصب ويفشل في أي عمل جاد يسند إليه ، لكن دمه خفيف وشكله وسيم ويثير التعاطف والإعجاب ونغفر له كل شئ حتى تعاطي المخدرات ، فالفيلم يقدم السم في العسل والجمهور يضحك طوال الوقت من مفارقات كوميدية ومواقف مثيرة تدغدغ المشاعر ، وينتهي الفيلم دون أن يأخذ البطل عقابه العادل بل إنه أيضا يتزوج البطلة الجميلة ويفوز بكل شئ في النهاية ،اللصوص ليسوا ظرفاء ولن يكونوا أبدا ، واللص قد يتحول في لحظة إلي وحش قاتل ، وهناك نماذج أجدر بالتسويق ، أين الشاب الطموح والشاب الناجح والشاب المستقيم ؟ هل هؤلاء دمهم ثقيل ؟ وهل يحب مروجي هذه الصورة الإعلامية المضللة أن يكون أبناءهم وأحباءهم لصوصا ظرفاء ؟
نذر الخطر الحقيقية اليوم تأتي من جحافل الشباب المهمش الضائع الهائم في الشوارع بلا كرامة ولا أمل ولا عمل حتي لا يتحول إلي خناجر تطعن الوطن وتهدمه





أضف تعليقك على المقال
*المرجو ملئ جميع الخانات و الحقول الإلزامية المشار إليها بـ

* الإسم
* عنوان التعليق
* الدولة
* التعليق




أقرأ أيضا
لا تــــحــــزن
الشباب و العزوف السياسي
الإنصاف وإدارة الخلاف
فـــخ العلاقات العاطفية بين الشباب والبنات
من هم الأصدقاء الحقيقيون
التوقيع على اتفاقية لحل مشكل البطالة بالعالم القروي
نصائح لتحسين أجواء العمل الجماعي
انطلاق فعاليات المهرجان الربيعي لثانوية الخنساء الإعدادية‎ بخريبكة
ارقام صادمة عن وضعية التشغيل بالمغرب
بنكيران: الحكومة قررت الزيادة في المنحة الجامعية للمرة الثانية